بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عمان وجمهورية الصين الشعبية، نظمت سفارة سلطنة عمان في قاعة مسقط في مقرها بالعاصمة الصينية بيجين مساء يوم الجمعة الموافق لـ22 ديسمبر 2023م الملتقى الثقافي الأول تحت عنوان "العلاقات العمانية الصينية منذ آلاف السنين وإلى الأبد".
في بداية الندوة التي شارك فيها نخبة من المتحدثين العمانيين والصينيين وحضرها ثلة من ممثلي البعثات الدبلوماسية والباحثين والأكاديميين والطلبة، ألقى سعادة السفير ناصر البوسعيدي كلمة رحب فيها بالحضور الكريم وتحدث فيها عن أصالة العلاقات الثنائية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ متمنيا لها مزيدا من التطور والتقدم بفضل حكمة قائدا البلدين. أما الدكتورة مريم بنت سعيد البرطمانية وهي باحثة في التاريخ من جامعة السلطان قابوس فقد تحدثت في مداخلتها عن العلاقات العمانية الصينية منذ فجر الإسلام حيث ذكرت تواريخ هامة تتعلق بوصول الملاح العماني أبو عبيدة الصحاري إلى الصين وقدوم الأدميرال الصيني تشنغ خه إلى عُمان وصولا إلى العصر الحديث وإقامة العلاقات الدبلوماسية سنة 1978م وانضمام السلطنة إلى مبادرة الحزام والطريق. كما ألقى الدكتور فوتشي مينغ نائب عميد كلية اللغات الأجنبية، أستاذ كرسي السلطان قابوس للدراسات العربية في جامعة بكين، كلمة في هذه الندوة أبرز فيها الدور الكبير الذي يلعبه هذا الكرسي في تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها في الصين والجهود المبذولة لطباعة قاموس عربي صيني في نسخته الجديدة بالإضافة إلى الفعاليات والندوات والمؤتمرات الثقافية التي كان آخرها مؤتمر الفكر الإباضي في مقر الجامعة في سبتمبر 2018م. أما الأستاذ لي يوان تشينغ الخبير في الشؤون الدولية في قناة CGTN العربية فقد تطرق في مداخلته إلى الثقة الاستراتيجية المتبادلة والتكامل الاقتصادي البيني وسبل الاستفادة المشتركة للتعاون العماني الصيني الشامل للوصول به إلى عصر جديد خاصة بعد مرور عقد من الزمان على طرح مبادرة الحزام والطريق وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين.
وفي الجزء الثاني لهذه الندوة الثقافية تطرق الدكتور هونغ جي وهو باحث مساعد في قسم اللغة العربية بكلية اللغات الأجنبية في جامعة بكين في ورقته البحثية إلى مختارات من الأدب العماني، حيث أشاد برواية سيدات القمر للكاتبة جوخة الحارثي التي فازت بجائزة مان بوكر الدولية لسنة 2019م في بريطانيا وإلى رواية تغريبة القافر لمؤلفها زهران القاسمي الحاصلة على الجائزة العالمية للرواية العربية في سنة 2023م.
وبعد كلمة الدكتور الصيني ألقى الأستاذ ناصر بن جمعة الحارثي وهو باحث في الشؤون الصينية والتبادلات الثقافية هو الآخر كلمة حول تأثير الجغرافيا على العلاقات التجارية بين سلطنة عمان والصين عبر العصور مبرزا الموقع الاستراتيجي الذي تتميز به السلطنة عن باقي دول المنطقة والدور النشط الذي يمكن أن تلعبه موانئها البحرية مستقبلا في تعزيز التبادلات الاقتصادية والتجارية بين عُمان والصين. وفي ختام هذه الندوة تطرق الأستاذ ناجي السلامي الباحث في الشؤون الصينية بمركز الحزام والطريق بجامعة التجارة والصناعة بتشجيانغ إلى نجاح التجربة الصينية بعد قيام جمهورية الصين الشعبية سنة 1949م بفضل قيادة الحزب الشيوعي الصيني وكيف يمكن للدول العربية الاستفادة من هذه التجربة وتطبيق السياسات الخاصة بها لتحقيق مزيد من التقدم الرخاء والرفاهية لشعوبها. كما كان هناك لقاء حواري مفتوح بين الطلبة العمانيين ونظرائهم الصينيين ساده جو من الود والشغف في محاولة كل طرف للتعرف أكثر على حضارة الطرف الآخر خاصة فيما يتعلق بالجانب اللغوي.
وبعد أن سلط السكرتير أول ناصر بن أحمد الراشدي الضوء على محاور هذه الندوة، أشاد فيها بأهدافها الرامية إلى تعزيز مبادئ الحوار والتقارب الثقافي بين كل من سلطنة عمان وجمهورية الصين الشعبية وإلى مدى قدرة هذا النوع من الملتقيات على تعزيز التواصل والتفاعل المباشر بين الباحثين والأكاديميين والطلبة الصينيين والعمانيين.
وبعد اختتام هذه الندوة قام الحاضرون بزيارة معرض للصور أقيم في قاعة ظفار والذي جاء بعنوان "طريق اللبان... عُمان في السجلات الصينية القديمة"، حيث أبهرت 19 لوحة حملت تسعة عشر نصا من النصوص الوثائقية المهمة للصين القديمة أعيد بناؤها وتصميمها من جديد أعين المشاهدين، وذلك بالنظر إلى مواضيعها الشيقة حول عُمان القديمة بحسب المخيال الصيني.
وتجسيدا لحسن الاستقبال وكرم الضيافة المتأصلة لدى الشعب العماني، أقام سعادة السفير في الختام مأدبة عشاء على شرف الضيوف الحاضرين في مقر البعثة، حيث لاقت الأطباق الشرقية والحلوى العمانية استحسانا وإقبالا كبيرين لدى الجانب الصيني والجانب العربي على حد سواء، كما تم تقديم بعض الهدايا التذكارية تخليدا لهذه الذكرى الطيبة التي نتمنى أن تكون سُنّة حميدة ولبِنة أساسية لفعاليات مماثلة في المستقبل.