بكين - ١٥ أكتوبر:
رأى خبراء في قطاع الطاقة، أن تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي "إنجاز حقيقي"، يعزز استقرار الاقتصاد المصري والثقة فيه، ويساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية للبلاد. وأعلن وزير البترول المصري طارق الملا، قبل أيام تحقيق بلاده اكتفاء ذاتيا من الغاز الطبيعي، ووقف استيراده من الخارج.
ويبلغ إجمالي إنتاج مصر حاليا ستة مليارات قدم مكعب غاز يوميا. وقال المهندس مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، إن "اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الشركات الأجنبية لمناقشة طريقة سداد الديون والمعادلة السعرية كان يمثل بداية الصحوة لتحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر من الغاز الطبيعي".
وبلغت مستحقات شركات البترول الأجنبية لدى الحكومة المصرية 6.3 مليار دولار في عام 2012، ومع التزام مصر بالسداد انخفضت المستحقات إلى 1.2 مليار دولار في نهاية يونيو الماضي، وهو أقل حجم مديونيات منذ عام 2010.
ومن المقرر أن يتم سداد المستحقات بالكامل بنهاية عام 2019. وأضاف يوسف لوكالة أنباء (شينخوا)، أن "إعلان الحكومة تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعي يعتبر إنجازا، سيوفر على الدولة ملياري دولار قيمة استيرادنا للغاز". وتابع أن "توقف مصر عن استيراد الغاز في الوقت الحالي يعني أنها نجحت في تحقيق الاكتفاء الذاتي قبل الموعد الذي كان مستهدفا فى نهاية العام الحالي، ما سيساهم في تعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، ويساعد على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر".
وأردف " اتوقع أن تبدأ مصر في تصدير عدد من شحنات الغاز المسال من خلال محطتي الإسالة خلال العام القادم، لأن استهلاك الكهرباء التي يتم توليدها بالغاز الطبيعي سوف يتراجع في فصل الشتاء، وهو ما سيساهم في تحقيق فائض من الغاز يسمح بتوجيهه إلى محطات الإسالة ثم تصديره".
وواصل "كما أن وزارة البترول تعمل في الوقت الحالي على خطة لتوصيل الغاز الطبيعى إلى الوحدات السكنية على مستوى الجمهورية، لأن تكلفة إنتاج أسطوانة البوتاجاز تصل إلى 185 جنيها، ويتم بيعها للمواطن بـ 50 جنيها، وهو فارق كبير تتحمله الدولة، لكن في المستقبل لن تكون هناك حاجة إلى تحميل الدولة هذه التكلفة". وزاد أن "توصيل الغاز الطبيعي للمنازل أقل تكلفة من إنتاج أسطوانة البوتاجاز، خاصة أن مصر مازالت تستورد غاز البوتاجاز من الخارج بتكاليف عالية". واستطرد " بالتأكيد مصر ستحقق أرباحا كبيرة خلال الفترة المقبلة، خاصة أن الحكومة تعمل على تعزيز اعتماد المواطنين على الغاز الطبيعي بدلا من الوقود، بدليل قرارات رئيس الجمهورية فى الفترة الأخيرة بشأن تخفيض الجمارك على السيارات التي تعمل بالغاز بدلا من الوقود".
وعزا تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز إلى الاكتشافات المهمة مثل حقل "ظهر" في البحر المتوسط، وتوقع المزيد من اكتشافات الغاز فى الفترة المقبلة. واكتشفت شركة ((إيني)) الإيطالية حقل "ظهر" في أغسطس 2015، مؤكدة أنه " الأكبر على الإطلاق في البحر المتوسط، وقد يصبح أحد أكبر اكتشافات الغاز في العالم". وبلغ إنتاج ظهر حاليا ملياري قدم مكعب غاز يوميا.
وشاطره الرأي الدكتور رمضان أبو العلا الأستاذ بكلية هندسة البترول بجامعة قناة السويس، قائلا إن "تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي إنجاز حقيقي". وأضاف أن "حقل ظهر شارك فى سد الفجوة بين إنتاج الغاز واستهلاكه في مصر، وتحقيق الاكتفاء كان متوقعا في نهاية العام الجارى، لكن عندما تم تسريع إنتاج حقل ظهر تحقق الاكتفاء الذاتي". وأوضح أن تحقيق الاكتفاء من الغاز يخفف الضغط على الاحتياطي النقدي المصري، ويقلل فاتورة دعم الطاقة، ويوفر قيمة المبالغ التي كانت تستخدم في استيراد الغاز بحيث يتم ضخها في قطاعات مثل التعليم والصحة.
بدوره، اعتبر الدكتور جمال القليوبي أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأمريكية في القاهرة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي "نوعا من أنواع التأمين للاقتصاد المصري، خاصة أن تحقيق الاكتفاء كان مشروعا قوميا، ومصر أزالت كل العقبات لإنجازه، ودفعت مستحقات الشركات الأجنبية". وأشار إلى "التزام مصر بالخطة الزمنية لإنشاء البنية التحتية من خطوط ومحطات استقبال على الشواطئ المصرية ما أدى إلى تحقيق هذا الإنجاز". وأوضح أن وصول إنتاج مصر إلى أكثر من ستة مليارات قدم مكعب غاز يوميا وبالتالي تأمين الطاقة "يعطى نوعا من الاستقرار للاقتصاد المصرى، ويشجع الاستثمار الأجنبي الذي يعتمد على الطاقة بشكل مباشر". ونوه بأن تحقيق الاكتفاء من الغاز الطبيعي يوفر لمصر حوالي ثلاثة مليارات دولار.